الهم والغم حتى علا وطم!

الهم والغم حتى علا وطم!

  • الهم والغم حتى علا وطم!

اخرى قبل 8 شهر

الهم والغم حتى علا وطم!

بكر أبوبكر

سألني أحمد: هل تعرف الفرق بين الهمّ والغم؟

فقلت له: كلاهما يعطيان معنى الحزن ربما بدرجات.

قال: ربما.

قلت: وما المعنى؟

قال: سأقول لك، لكن دعني أتوسع فهل تسمح لي؟

قلت: تفضل، كلّي آذانٌ صاغية.

قال:الهمُ والغم في اللغة العربية يأتيان معًا في الاستخدام، فتجد المهموم مغموم ما أثار فيّ عقلية البحث في هذه المحاورة بين المصطلحين فبحثت

قلتُ هازًا رأسي: جميل، تابع.

قال مكملًا فرِحًا أنه اكتشف شيئًا جديدًا: كان من المعاني أن الهم هو الحزن، والجمع هموم، وأن الغم والغُمة يعني الكرب، فلم أقتنع كثيرًا أو اكتفي، فلجأت الى معجم لسان العرب

قلت: أتفق معك، فلسان العرب لابن منظور كتابٌ مُلهم للمعنى والمصطلح واستخداماته واشتقاقاته الكثيرة والغنية تمثل غنى هذه اللغة العظيمة، التي يهملها أبناؤها اليوم.

قال: نعم صحيح، وأنظر ما وجدت

إذ كان الهم هو الحزن كما يورد المعجم، فإن النظر باللاحق من المعاني يُظهر الفروق الدقيقة حيث قيل ما أَهَمَّكَ أَي ما أَحْزَنَك، وقيل: ما أَقْلَقَك، وقيل: ما أَذابَك.

هل لاحظت هنا دخول لفظة الذوبان التي تبدو شاذة بالمعنى السائد بينما يتقارب الحزن والقلق؟

قلت: نعم فعلًا!

ولكن يقال أذوب شوقًا قد تكون قريبة!

قال: تمامًا، قريبة وفي ذات الاتجاه، وجاءت مفردة الذوبان هنا من ابن منظور استنادًا الى الهامومُ وهو: ما أُذِيبَ من سنام الجمل

وعليه يمكنني الاستنتاج بوضوح أن الهمّ تعني الحالة التي يكون فيها الحزن جالب القلق ومذيب القلب.

قلت: وماذا بشأن الغم؟

قال: من معاني الغم اللُبس، ومن المعاني المَظَلمة والضيق كما ورد أيضًا.

وفي الغم أيضًا طمس كأن تغم رؤية الهلال على الناس أي طمس فلم يُرى.

وغَمَمْتُه: غَطَّيته فانغَمَّ والغَمامة، بالفتح: السحابة، والجمع غَمام وغَمائم الغَمام الغَيْم الأبيض وإنما سمي غماماً لأنه يَغُمُّ السماء أي يسترها، وسمي الغَمّ غَمّاً لاشتماله على القلب.

وهنا ومن ابن منظور العظيم يستبين  الفرق

فالغمّ حزن عميم وضيق يغطي، ويسبب الالتباس، ويغشى القلب والنفس وقد نقول يستر العقل عن التفكير السليم أو يطمسه مؤقتًا في مساحة الاغتمام.

وهو بالسياق الإيجابي التفكير بالضرورة زائل، لأن الغمامة في السماء سرعان ما تزول وفي آنها ووقتها هي ثقيلة على القلب والعقل.

قلت: كلام ذو منطق سليم!

قال: أحببت في البداية محاولة التفريق بين الكلمتين لسبب ما أعانيه هذه الأيام من أحد الأصدقاء من هم وغم شديدين.

قلت: ياساتر!

قال: هل تصبر عليّ وتسمع.

قلت ولن أفوه ببنت كلمة، انطلق. (وسينطلق)

 

التعليقات على خبر: الهم والغم حتى علا وطم!

حمل التطبيق الأن